ابو يعرب المرزوقي شهادة للعميد هشام المدب

شهادة للعميد هشام المدب

صاحب البصيرة الاستراتيجية

أبو يعرب المرزوقي

تونس في 21.02.20

لو كان العميد هشام المدب في بلد يحرص حكامه وسياسيوه على مسقبل بلادهم وحمايته لكان أكبر مسؤول على مخابراتها ومنظومة التحليل السياسي والاستراتيجي فيها لا يفارقه رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان وخاصة مخابرات الجيش والأمن.

سأقدم شهادتين واحدة من تاريخ تونس في مرحلة المرحوم محمد مزالي والثاني لي شخصيا. والشهادة الاولى احداثها كافية لبيان أهمية ما يشير إليه العميد والثانية الشهود الحاضرين فيها ما زالوا أحياء وبوسع سؤالهم.

الشهادة الأولى: لماذا اسقط المرحوم محمد مزالي؟

كلنا يعلم علة تعيينه شبه نائب المرحوم بورقيبة مع الوزارة الأولى بعد حادثة قفصة وما أصاب المرحوم الهادي نويرة عندما “تنقط” وصار عاجزا عن مواصلة دوره وزيرا أولا بعد أن كان أقوى حتى من بورقيبة.

وهو الذي جر على تونس أكبر نكباتها بقانون 72 بعد نكبة احمد بن صالح والتعاضد: فقد جعل تونس بلد عبيد الصناعة القذرة الفرنسية واستعباد بنات ونس بأبخس الأجور وما تولد عنها من فساد وفجور مع اهمال الزراعة التي كانت بعد قد أفسدت دافعها الحقيقي بسبب جريمة التعاضد وخيار السياحة.

فماذا فعل المرحوم مزالي حتى يخرج تونس من الأزمة أو يحقق شروط التحرر من التبعية؟ خمسة اجراءات ثورية هي التي جعلت فرنسا والقذافي والاتحاد والنخبة الفرنكوفونية ووسيلة يتحدون عليه لأسقاطه واسقاط سياسته التي هي منها الحل الذي تكلم عليه العميد في حواره الاخير؟

1-العمل الثوري الأول هو أنه كان أول سياسي فكر في التعاون جنوب جنوب وفي التعاون مع الصين.

2-الثاني هو أن ضاعف ميزانية الزراعة وحاول استرجاع حماس الفلاحين الذين يئسوا وجل صغارهم أفلسوا وباعوا أراضيهم وصاروا نازحين في المدن الكبرى

3-الثالث فتح المجال لشركات صناعة السيارات وحتى الطيران الشرقي اليابانية والكورية وحتى الشركات الأوروبية غير الفرنسية (المانيا خاصة) لتصنيع تونس على في التركيب مرحلة اولى تتطور بالتدريج إلى المشاركة المتنامية في الإبداع.

4-توسيع مجال التبادل وتحرير الأنتاج التونسي من المرور بفرنسا وذلك بفتح خطوط نقل بحرية بين تونس والعالم القريب والبعيد

5-والأخير وهو الذي اعتبر القطرة التي أفاضت كأس فرنسا قرار الشروع في التحرير الثقافي لتونس من خلال التعريب المتدرج والجدي.

العميد أكد على العمل الأول لأن كلامه كان متعلقا بما افترحته الصين و”رقده ” عملاء فرنسا لمنع استقلال الدولة التونسية ماليا واقتصاديا.

لكن العميد يوحي كلامه أنه يقصد المجالات الخمسة لأني احسست بأنه وطني إلى النخاع ويريد شروط الاستقلال والسيادة وهي هذه العناصر الخمسة.

 

الشهادة الثانية: ماذا حصل مع أرباب العمل الفرنسيين؟

كنت أتجنب الكلام في ذلك إذ قد ابدو فيها وكأني من يصح عليه “شكار روحه” لكن الشهود ما زالوا احياء وأولهم رئيس الحكومة الأستاذ حمادي الجبالي ورئيسة اتحاد أرباب العمل ورئس كناكت

لأول مرة وآخر مرة كنت من الوفد المصاحب لرئيس الحكومة في لقائه مع منظمة أرباب العمل الفرنسيين في باريس. وقد حضر كبارهم للحوار مع سي حمادي والوفد المرافق وأعني خاصة رئيسي ارباب العمل ورئيس المدرسة الحرة الكبيرة في ذلك الوقت (نسيت اسمه).

ودار حوار مع كبار رجال الاعمال فشعرت أن الابتزاز “ضارب يصرع” وهم “يكركروا في رجليهم” بما يفيد بانهم ينتظرون شيئا قد يحدث في تونس ولعلهم كان بالتراخي يساعدون على حدوثه

فالتلكؤ في الاستثمار وفي تمويل الاستثمارات المعروضة عليهم من جانب تونس. متعليين بضبابية المشروعات المعروضة والحاجة إلى تلطيفها وتدقيق للمشروعات واتضاح السياسات.

فهمت النوايا وهي بينة لانها ابتزاز مقنع. فأستأذنت من السيد رئيس الحكومة في الكلام إذ ليس من حق المستشارأن ينبس ببنت شفة في مثل هذه اللقاءات.

لكن للأمانة كان سي حمادي يقدرني ويعتبرني في مقام أخيه الاكبر وكلما اشرت عليه برأي استحسنه حتى وإن كان بيده حيلة في عدم تنفيذه والكل يعلم العلة

إذ كما قل الشيخ مورو كان مرصودا بعيون كثيرة حتى لا يتجاوز قيادة الحركة فكنت أشارك حتى في مجالس الوزراء وكأني لست وزير مستشار بل وزير منتسب إليها.

فأذن لي. فقلت لأرباب العمل وكأني أمزح ما رأيكم لو نأخذ راحة فلسفية -وهي عيب مهني لأني أستاذ فلسفة خريج السربون بنحو ما-لكنها راحة قد تساعد على فهم المعروض بصورة ألطف وأدق مما قد يتصور البعض:

والفلسفة تبدأ بالاسئلة:

السؤال الاول: هل توافقون على أنه لا توجد مبادرة اقتصادية تخلو من المغامرة أي انتم؟

السؤال الثاني: هل توافقون على أن ذلك يعني ثقة في الطرف الثاني في هذه المغامرة أي نحن؟

السؤال الثالث: هل تعتقدون أن تونس تعيش ثورة ومن ثم فالطرف الثاني لم يعد تابعا بل ند؟

السؤال الرابع: هل تعتقدون أن الذي ثار قد تحرر فصار منفتحا على العالم كله في معاملاته؟

السؤال الاخير: هل تتصورون أننا جئناكم لانكم الحل الوحيد أمم فضلنا من نظنهم اصدقاء لكن إذا قوبلنا بالتلكؤ الدال على عدم الثقة بنا وبالثورة فخياراتنا كثيرة.

لا اخفيكم أني أنا نفسي فوجئت بتغير اللغة مائة وثمانين درجة وصاروا يطالبون بتقدرم المشروعات ويعبرون عن استعدادهم لتمويل الاستثمارات والمشاركة فيها بمجرد تلقيها.

اعتقد أنهم تصوروني لم ابادر من تلقاء نفسي بل كانت خطة من رئيس الحكومة معدة سلفا: أي الرد بتهديد من طبيعة الابتزاز وهذا مفيد لأنه اعطى ثقلا لمبادرتي لأنها صارت شبه رسمية

هذه الشهادة الثانية لم اقصصها بهذا التفصيل سابقا لأن المناسبة لم تتوفر لأقدمها شهادة على أن الغرب عامة وفرنسا خاصة يمكن التخلص منهما بيسر

لو كان بينهم وبيننا ليس وسطاء عملاء من النخب السياسية التي تقدم الرشوة التي تحصل عليها منهم تقدمها على مصحلة الوطن.

فكل الشركات الفرنسية محمية في تونس أكثر مما هي محمية في فرنسا نفسها. وما كان ذلك يكون كذلك لو كانت النخب الحاكمة ليست مافيات تفكر في مصلحتها وليس في مصلحة تونس. لذلك أسقطوا مزالي.

وهم مستعدون لأسقاط أي وطني خالص بل هم ذهبوا إلى حد تحويل الحكومة التونس نصفها ورئيسها من ذوي الجنسية الفرنسية وخاصة خلال عشرية الثورة حتى يخربوها من الداخل.

ثم تسمعون الدمية الدجال يتكلم على الفساد والحزييبات التي تسانده عملاء فرنسا أو علماء الملالي والمعلوم من مستشاريه رئيس حكومة فرنسي وأول تعيين لوزير أول قام به كان لفرنسي وبقية مستشاريه عملاء المافيات وجلهم من الاسلاموفوبيين النوتوار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *