La Fuite – الهربة – نادية بوسته

شاب متطرف ديني يهرب من الشرطة في أزقة المدينة القديمة ويجد نفسه مضطرا للاختباء في غرفة عاهرة في بيت دعارة بالمدينة. يتوسل لها أن تساعده رغم التناقضات والفجوة بين أفكاره المتطرفة والأفكار الحرة لهذه العاهرة. يصبح الموقف أكثر تعقيدًا مع وصول العميل ، مما يجبره على الاختباء تحت السرير حيث لا يمكنه فعل أي شيء سوى الانتظار.

نادية بوستة هي ممثلة تونسية من مواليد ولاية الكاف، اشتهرت بتأدية دور «ريم» في مسلسل مكتوب وعرفت بمشاركاتها العديدة في الأفلام السينيمائية التونسية.

أحداث الفيلم: رحلة هروب متشدّد ديني من قبضة الأمن، ولجوئه إلى منزل مومس للاحتماء به من أنظار الأمنيين.
فتعمل المومس على مساعدته رغم التناقض الشديد في الأفكار بينهما بما هو متشدّد، بينما هي حاملة لأفكار متحرّرة.

وفيلم الهربة هو في الأصل عمل مسرحي تمّ تقديمه سنة 2018، واجتهد غازي الزغباني ليُحوّله إلى عمل سينمائي بعد أن أدخل عليه بعض التعديلات في الكتابة، محافظا على الممثلين في شخصيات المسرحية.
ارتكز الفيلم أساسا على جملة من المفارقات أهمها أن هذا المتشدّد الديني في الفيلم، يهرب من قبضة الأمن، لكنه في المقابل يجد نفسه أمام واقع آخر مناف لمبادئه وأفكاره وميولاته التكفيرية.

وهذا الواقع الجديد الذي التجأ إليه الشاب المتشدّد، هو منزل متواضع لـ مومس، ويفترض أن يكون المتشدّد رافضا لهذا الواقع، لكنه يستسلم لأمره بدافع القدر الذي ساقه إلى هذا المكان لينجو من قبضة الأمن.

وفيلم الهربة هو مرآة لثلاث نماذج مختلفة من المجتمع التونسي، هي المتشدد ديني والمومس والمواطن العادي الذي لا يحمل أية أفكار ايديولوجية.

ولكن الجزء الأكبر من هذا العمل خصّصه المخرج للحوار الدائر بين الشاب المتشدد والمرأة.

فجعل المرأة تعرّي أفكاره التكفيرية وتكشف المفارقة التي يعيشها هذا الشاب مع ذاته، فتدعوه للمصالحة مع الذات والإقبال على الحياة.

وتعدّدت عناصر المفاجئة في العرض، فكانت أهم المواقف التي اعتنى بها المخرج في السيناريو هي شخصية المومس، فهذه المرأة ذات المستوى الدراسي والثقافي المحدود بدت رمزا للحكمة والتفكير العقلاني الحر وبدت منفتحة ومتعايشة مع الآخر مهما كانت درجة الاختلاف معه، فهي لم تستدع الأمن عندما دخل عليها هذا الشاب التكفيري، ولكنها في المقابل ساعدته رغم علمها بالعواقب التي يمكن أن تؤول إليها ما اقترفته بهذا العمل.

أمّا الشاب التكفيري، فهو خريج الجامعة، وقد كان من المؤمّل أن يكون صاحب عقل وتفكير راق وأن يكون متحرّرا ومنفتحا على الآخر، ولكن الحاصل هو العكس، فهذا الشاب منغلق على نفسه وعلى الآخر، فهو لا يأبى حتى أن ينظر إلى المرأة في الظاهر، ولكنه تمنى في نفسه لو كان بصحبتها دوما.

ولم يغفل غازي الزغباني عن استعراض بعض القضايا الاجتماعية في هذا الفيلم مثل تفشي البطالة وتدني المقدرة الشرائية للمواطن، بالإضافة إلى النظرة الدونية للمرأة في مجتمع يدّعي الحرية والديمقراطية ويحترم مبدأ الاختلاف مع الآخر.

الهربة نادية بوسته

تم تقديم فيلم الهربة في عرض ما قبل الأول خلال فعاليات الدورة 31 لأيام قرطاج السينمائية (2020).