الأطفال في حرب اليمن، بين المعاناة و التجنيد القسري

بعد أكثر من  ستة سنوات من  حرب مدمرة أكثر من مئة ألف طفل يموتون سنويا نتيجة الأمراض الفتاكة بحسب وزارة الصحة اليمنية. أما تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف فكشفت أن نحو مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في البلد الذي صنف ضمن أسوأ البلدان للأطفال في العالم. وإضافة إلى الأمراض الفتاكة، الجوع، التشريد، الغارات الجوية، القصف، يواجه الأطفال في اليمن خطر الألغام، وظاهرة التجنيد القسري.

اليونيسيف تطلق صيحة فزع

و في تصريح صادر عن خِيرْت كابالاري، المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في ختام زيارته لليمن. “من شأن الظروف المعيشية لأطفال اليمن أن تجلب العار على البشرية. لا يوجد عذر لمثل هذا الوضع السوداوي في القرن الـ 21. الحروب والأزمات الاقتصادية وعقود من التراجع في التنمية لا تستثني أي فتاة أو فتى في اليمن. معاناة الأطفال هذه كلها من صنع الإنسان.

” إن حصيلة أربع سنوات تقريباً من الحرب في جميع أنحاء اليمن مرعبة، فأكثر من 2,700 طفل تجندوا للقتال في حرب الكبار. كما تحققنا من أن أكثر من 6,700 طفل قُتلوا أو أُصيبوا بجراح بالغة. اجبر حوالي 1.5  مليون طفل على النزوح، العديد منهم يعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الطفولة.

وذكرت  اليونيسف انها في حاجة إلى مبلغ 540 مليون دولار أمريكي لتلبية الاحتياجات الطارئة للأطفال وعائلاتهم. وستشمل الاستجابة الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة، وكذلك برامج التعليم والحماية.

التجنيد القسري

و يدفع أطفال  اليمن ضريبة باهظة في ظلّ التصعيد العسكري الذي شهدته المناطق الشرقية والغربية من  اليمن. بالإضافة إلى مئات شرّدتهم المعارك  من منازلهم إلى مخيمات  هي الأخرى تحت تهديد النيران، انتهك المتحاربون حقوق الأطفال من خلال تجنيدهم، ما يخالف القوانين كونهم لم يبلغوا 18 عاماً.

و ما من إحصائيات دقيقة حول عدد الأطفال المجندين في صفوف أطراف الصراع في اليمن، أو الذين لقوا حتفهم على مدار خمس سنوات من المعارك. وفي منتصف أكتوبر الفارط ، اتّهم تقرير صادر عن وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، الحوثيين بتجنيد 4 آلاف و638 طفلاً منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية سبتمبر الماضي.
ويُفيد التقرير بأن الحوثيين استغلوا التوقف الطويل للدراسة من جراء فيروس كورونا لجذب الأطفال إلى جبهات القتال. كما عمدوا إلى عسكرة المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وأجبروا المدرسين على تلقين الطلاب دروساً تحرضهم على المشاركة في المعارك.

وفي تقرير سابقة ذكرت المنظمة الحقوقية اليمنية مواطنة أن أكثر من 1178 طفل جندوا في صفوف مختلف القوى المتصارعة خلال سنة 2018 وحدها.
وكانت إحصائية أخرى حديثة صادرة عن منظمات حقوقية كشفت عن أن عدد الأطفال الذين جندتهم الميليشيات في صفوفها ولقوا مصرعهم بلغ خلال العام الماضي أكثر من 1400 طفل، بناءً على حصيلة مجمعة مما تداولته وسائل إعلام حوثية على امتداد العام الماضي.

وذكرت الإحصائية، أن توزيع الأطفال القتلى على المحافظات تصدرته ضواحي صنعاء بـ286 طفلاً، ثم محافظة ذمار بـ225، و177 طفلاً من حجة، و171 من صعدة (معقل الانقلابيين)، و116 من محافظة عمران، و104 من صنعاء، و87 من إب، و80 من الحديدة، و51 من المحويت، و30 من تعز، ومثلهم من الجوف، ونحو 17 طفلاً من البيضاء، و16 من مأرب، و14 من ريمة، و6 من الضالع.

وفي جوان 2019  صنف تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليمن، في قائمة الدول الأكثر دموية للأطفال إلى جانب أفغانستان وسوريا.

وكشف مصادر محلية أن جماعة الحوثي  وفي سياق استهدافها الممنهج للأطفال، شرعت قبل أيام عبر كتائب «الزينبيات» (فصيل حوثي نسائي مهمته استهداف النساء) بإقامة دورات ومحاضرات يومية طائفية في أوساط الأمهات وربات البيوت في أحياء المدينة القديمة.
و في نهاية العام السابق و التي شهدت وصول الأعمال القتالية إلى ذروتها في محافظات مأرب  والجوف والبيضاء ولاحقًا  الحديدة، لم يكن من المستغرب تشييع أطراف النزاع جثامين أطفال ولدوا خلال عامي 2004 و2005، مع وصفهم بـ “المجاهدين والمدافعين عن الأرض والعرض”.

و على وقع الهجمات المحمومة للحوثيين باتجاه مأرب ومساعيهم لحسم المعركة هناك، لجأت الجماعة الموالية لإيران إلى الدفع بأمنها النسائي المعروف بـ«الزينبيات» لتولي مهمة استقطاب الأطفال وتجنيدهم بطرق شتى، منها ترغيب أمهاتهم وترهيبهن في صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الانقلابيين، و بحسب مصادر محلية. كشفت أحدث  التقارير الحقوقية عن تجنيد ميليشيات الحوثي   أكثر من 10 آلاف طفل يمني، بشكل إجباري منذ بداية الحرب. وأشار التقرير المشترك الصادر عن منظمة «سام للحقوق والحريات» و«المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، إلى أن «الميليشيات لجأت وكعادتها إلى تهديد العائلات اليمنية في القرى والمناطق التي تسيطر عليها من أجل تجنيد أطفالها من 10 إلى 17 عاماً، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال في مخيمات النازحين ودور الأيتام.

وذكر التقرير، أن الجماعة تلجأ في بعض الأحيان إلى تجنيد أطفال من عائلات فقيرة مقابل مكافأة مالية تقدر بـ150دولاراً شهرياً (الدولار نحو 600 ريال يمني). ولفت إلى أن حملات التجنيد الحوثية الإجبارية انتشرت في مناطق صعدة، وصنعاء، والمحويت، والحديدة، وتهامة، وحجة، وذمار، واستهدفت الجماعة من خلالها الأطفال من عمر 10 سنوات.

وأوضحوا، أن الهدف من استهداف الأمهات هو إقناعهن بأهمية إلحاق أبنائهن بجبهات القتال دفاعاً عما تسميه الجماعة «المال والأرض والعرض» ضد من تصفهم بـالغازين من اليهود والنصارى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *